يحتل المعلم موقعا مرموقا في ثقافات دول العالم اليوم، وذلك لما يعول عليه في نشر الافكار والعقائد التي تتبناها المجتمعات المختلفة، ومن هنا فالنظام التعليمي والتربوي في بلادنا اليوم يسعى الى تطوير نفسه في اتجاهات عدة.. ومن تلك الثقافات التي اقول نسيناها هي: ثقافة الحوار وقبول الآخر.. فثقافتنا الاسلامية والعربية احتوت ثقافات وحضارات عديدة عندما خرجت بعد بعثة الحبيب صلى الله عليه وسلم خارج حدود جزيرة العرب، ولقد كان الرسول الكريم مثلا اعلى في تعامله مع الاخرين وحواراته مع القريب والبعيد.. اخي المعلم ان دورك يحتم عليك تحمل اعباء هذا الفكر الاسلامي الناصع والسلوك الراقي والذي نأمل ان يعود مرة اخرى الى واقعنا ويفعل في مدارسنا خاصة لانها المنطلق الاول للاصلاح والتطبيق الامثل في كافة المجالات.. إن رسالة المعلم عظيمة وواجباته جسيمة ومنها: تأصيل مفهوم الحوار ونقله من اطاره النظري الى الواقع العملي وخاصة في الميدان التربوي فضلا عن حاجتنا اليه في كافة المستويات التعليمية.
أخي الكريم: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر والمعلمون هم ورثة الانبياء والمرسلين وهم لم يورثوا دينارا ولا درهما، وانما ورثوا العلم والحوار وثقافته الصحيحة من وسائل العلم النافعة، واستمع الى القرآن الكريم وهو يقص حوار المرأة مع الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما..} الآية، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع لها ويخاطبها ويرد عليها بكل اهتمام، وفي الصورة الثانية له يعنف الرجل الذي يجادل ويحاور رغم معرفة الرسول الكريم بخطأ رأيه والذي اثبته العلم الحديث حاليا.
يقول ابو سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن النفخ في الشرب، فقال رجل: القذاة اراها في الإناء، قال: أهرقها. قال الرجل: فإني أروى من نفس واحد. قال: فأين القدح) إذن عن فيك. تأمل أيها المعلم والمربي كيف كان رسول الرحمة يتعامل مع المجادلين والمحاورين وإن كانوا على غير هدى؟.. ونحن لاتتسع صدورنا لمحاورة الطالب المجادل والمناقش في بعض الاوقات.
اعلم ان من وظائف الحوار إثراء الحركة العلمية وتشجيع الدراسة والبحث وإعادة النظر فيما ننتج، ولقد اشار بعض الباحثين ان الحوار وسيلة لتنمية الافكار والمهارات العقلية، وقد ينظر بعض المعلمين بأن الحوار ليس من اهتمامات المعلم.. بل هو من صميم المهارات التي قد يكتسبها الطالب من استاذه، حيث لازال المعلم هو المصدر الرئيس للطالب الذي يستقي منه افكاره ويتأثر بأسلوبه وسلوكه.
إن المعلم يمكن ان ينشر فكرا حواريا راقيا وثقافة بين ابنائه الطلاب وذلك باتباع اسهل الطرق وأفضل الاساليب ومنها الاسلوب اللفظي مثل القدرة على الاقناع، ترتيب الافكار، وقبول الآخر.. وغيرها، والأسلوب غير اللفظي كالنظرة، وحركة اليد، والإيماءة، والابتسامة ومن الاساليب الحوارية ايضا في تعليم الناشئة التي ارى انها مناسبة للطلاب: الاسلوب المباشر بين المعلم وطلابه داخل حجرة الدراسة كما تقدم، وكذلك غير المباشر كالكتابة على الدفتر، واختيار المواضيع الحوارية ذات العلاقة، والقدوة ونحوه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق