صحيفة المصريون
مصر أنها تحولت في السنوات الأخيرة إلي دولة بلا أخلاق. وهذا النوع من الدول يمكن أن تحدث فيه كل أنواع ومستويات الجرائم والكوارث والتجاوزات.. الدولة طوال عهد مبارك ترتكب جرائم الكذب والتزوير والتلفيق علي كل المستويات وجميع الأصعدة، والناس يتعلمون هذا السلوك من حكومتهم ويلجأون مثلها للكذب والتلفيق والتزوير والرشوة والغش وكل ألوان الفساد.. بيانات الحكومة وأرقامها كاذبة وملفقة نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية والنقابية والطلابية كلها مزورة وكاذبة. التعيين في وظائف الجهات السيادية والعادية قائم علي المحسوبية والغش والتلفيق والرشاوي. اختيار الناس للوظائف القيادية يعتمد هو الآخر علي النفاق والفساد وتقارير الأمن ولا يهتم علي الإطلاق بالكفاءة أو العدالة أو الصالح العام. الانتخابات العامة صارت مرتعاً للغش والتلفيق وبيع الذمم والضمائر لا شيء في الأداء العام أو الخاص يعتمد علي الصدق أو الأمانة أو الإخلاص أو السلوك القويم. لا تصدق كلام السيد الرئيس حين يقول إن أحداً في مصر ليس فوق القانون فالرئيس نفسه هو وأسرته وأعوانه فوق كل القوانين والدساتير واللوائح والأعراف. والدولة المصرية أسوأ حالاً من الأخ السكري والأخ هشام وكل الإخوة الذين يبعثرون المليارات تحت أقدام الراقصات والفنانات والحسناوات والشياطين. نحن دولة بلا أخلاق، وهذا النوع من الدول لا تنفع معه القوانين أو الدساتير أو الأنبياء أو الملائكة! < - أشياء أخري: بعيدا عن سوزان وطلعت ومحين نطالع الآن من صحف الأحد: - في جريدة الدستور كتب فهمي هويدي متسائلا عن الصفة التي تخول جمال مبارك أن يجوس خلال مصر طولا وعرضا مصطحبا الوزراء وأصدقاءه رجال الأعمال تتقدمهم جيوش أمن الدولة والحراسات الخاصة "الذين كان منهم محسن السكري قاتل سوزان تميم" والأمن المركزي ليتفقد الأحوال في ربوع مصر ويتحدث عن المستقبل .. نقرأ: المواطن العادي في مصر لابد أن يصاب بالحيرة والدهشة، حين يقرأ في صحف الصباح أن السيد جمال مبارك اصطحب معه أربعة وزراء وعدداً آخر من المسئولين ومن أعضاء مجلس الشعب، هؤلاء جميعاً ذهبوا إلي محافظة الشرقية يتقدمهم جيش من رجال أمن الدولة والأمن المركزي، هناك زاروا قرية «شوبك أكراش»، حيث تفقد جمال مبارك خلالها وحدة طب الأسرة بالقرية، ثم توجه إلي قرية «أكراش» ومر بمركز الخدمات الاجتماعية بها، وبعد ذلك قصد قرية «العصايد»، فزار محطة تنقية المياه والمدرسة الثانوية ومركز طب الأسرة ومعرض الصندوق الاجتماعي، وفي نهاية الجولة شهد لقاء جماهيرياً، أعقبه إفطار مع «الأهالي» وهو الحدث الذي اعتبرته الصحف القومية الثلاث أهم خبر في الكرة الأرضية فجعلته «المانشيت» الرئيسي علي صفحاتها الأولي. سوف تنتاب الحيرة المواطن البريء إذا تساءل عن الصفة التي يمثلها وهو يقوم بتلك الزيارة للمرافق ومراكز الخدمات بالقري الثلاث، فلا هو رئيس الدولة ولا هو رئيس الحكومة ولا هو حتي أمين عام الحزب الحاكم، ولكنه أمين مساعد، ومكانته في الحزب مستمدة من كونه أمين لجنة السياسات، وسوف يستغرب المواطن العادي أن يجد الرجل وهو بهذه الصفة يتجول في مركز للخدمات الاجتماعية ومحطة لتنقية المياه ومدرسة ثانوية ومركز لطب الأسرة، لأن متابعة ما يجري من تلك المواقع لا تدخل في عمل لجنة السياسات، التي يفترض أنها تناقش وترسم السياسات العامة، في حين أن تفقد تلك المواقع هو من صميم عمل الأجهزة التنفيذية وربما مؤسسات الرقابة الشعبية والمحليات. أما الدهشة التي تتلبس المواطن العادي، فمرجعها أن السيد جمال مبارك في حديثه إلي الذين التقوه أحال أموراً كثيرة إلي المستقبل، فقال إنه ستتم إعادة النظر في قانون الضمان الاجتماعي، كما ستتم خلال الأسابيع المقبلة بلورة جهود الحزب والحكومة لمواجهة وتحدي الفقر، وأن مؤتمر الحزب الخامس في نوفمبر المقبل سيبحث مشروع الألف قرية والموارد التي يحتاجها، وهي اللغة التي تذكر الناس بالبيانات الوزارية التي كانت تدغدغ مشاعر الناس وتداعب أحلامهم باستخدام عبارة «ستعمل حكومتي» علي إقامة كذا وكذا...إلخ. قد يتساءل المواطن العادي عما إذا كان كلام السيد جمال مبارك مجرد مقترحات أم أنه بمثابة قرارات، فإذا كانت مقترحات فلماذا قطع بأن قانون الضمان الاجتماعي سيتغير، أما إذا كانت قرارات فإلي أي شيء يستند في إصدارها، وهل صفته كأمين للسياسات تعطيه ذلك الحق؟ هذه الدهشة والحيرة لا تنتاب المواطن العادي فحسب، ولكنها تنتاب أي شخص محترف أيضاً ذلك أنه من الناحية المهنية فإن قول السيد جمال مبارك إنه لا تردد في تنفيذ برامج الإصلاح وهو ما أبرزه «مانشيت» الأهرام والجمهورية، وقوله إن «مطالب المواطنين ملزمة للحكومة» كما ذكر ما نشيت أخبار اليوم ليس فيه خبر ولكنه بالكاد يمثل رغبة أو وجهة نظر متفائلة، في الوقت ذاته فإن المساحات التي أعطيت لتغطية الزيارة في الصحف الثلاث والتعليقات المفتعلة التي نشرت للإشادة بها وتصويرها بأنها فتحاً في عالم الممارسة السياسية، وأملاً يضيء أحلام الفقراء ومؤشراً علي التقدم نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، ذلك كله لا يبدو مقنعاً لأحد، لأن المبالغة والافتعال فيه أعطيا انطباعاً قوياً بأن تغطية الرحلة داخلة في باب السياسة ولا علاقة لها بالصحافة، وإذا تذكرنا أن أغلب أهالي القري الثلاث لم يسمح لهم بمغادرة بيوتهم التي حجب بعضها وراء أغطية القماش المزخرفة، وإن رجال الأمن وعناصر مباحث أمن الدولة كانوا هم الجمهور الحقيقي الذي شهد اللقاءات فسندرك أن «فيلم» الزيارة، أريد به تسويق السيد جمال مبارك بأكثر من تواصله مع الناس، ولا تتخابث عليّ فتسألني: لماذا؟)
مصر أنها تحولت في السنوات الأخيرة إلي دولة بلا أخلاق. وهذا النوع من الدول يمكن أن تحدث فيه كل أنواع ومستويات الجرائم والكوارث والتجاوزات.. الدولة طوال عهد مبارك ترتكب جرائم الكذب والتزوير والتلفيق علي كل المستويات وجميع الأصعدة، والناس يتعلمون هذا السلوك من حكومتهم ويلجأون مثلها للكذب والتلفيق والتزوير والرشوة والغش وكل ألوان الفساد.. بيانات الحكومة وأرقامها كاذبة وملفقة نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية والنقابية والطلابية كلها مزورة وكاذبة. التعيين في وظائف الجهات السيادية والعادية قائم علي المحسوبية والغش والتلفيق والرشاوي. اختيار الناس للوظائف القيادية يعتمد هو الآخر علي النفاق والفساد وتقارير الأمن ولا يهتم علي الإطلاق بالكفاءة أو العدالة أو الصالح العام. الانتخابات العامة صارت مرتعاً للغش والتلفيق وبيع الذمم والضمائر لا شيء في الأداء العام أو الخاص يعتمد علي الصدق أو الأمانة أو الإخلاص أو السلوك القويم. لا تصدق كلام السيد الرئيس حين يقول إن أحداً في مصر ليس فوق القانون فالرئيس نفسه هو وأسرته وأعوانه فوق كل القوانين والدساتير واللوائح والأعراف. والدولة المصرية أسوأ حالاً من الأخ السكري والأخ هشام وكل الإخوة الذين يبعثرون المليارات تحت أقدام الراقصات والفنانات والحسناوات والشياطين. نحن دولة بلا أخلاق، وهذا النوع من الدول لا تنفع معه القوانين أو الدساتير أو الأنبياء أو الملائكة! < - أشياء أخري: بعيدا عن سوزان وطلعت ومحين نطالع الآن من صحف الأحد: - في جريدة الدستور كتب فهمي هويدي متسائلا عن الصفة التي تخول جمال مبارك أن يجوس خلال مصر طولا وعرضا مصطحبا الوزراء وأصدقاءه رجال الأعمال تتقدمهم جيوش أمن الدولة والحراسات الخاصة "الذين كان منهم محسن السكري قاتل سوزان تميم" والأمن المركزي ليتفقد الأحوال في ربوع مصر ويتحدث عن المستقبل .. نقرأ: المواطن العادي في مصر لابد أن يصاب بالحيرة والدهشة، حين يقرأ في صحف الصباح أن السيد جمال مبارك اصطحب معه أربعة وزراء وعدداً آخر من المسئولين ومن أعضاء مجلس الشعب، هؤلاء جميعاً ذهبوا إلي محافظة الشرقية يتقدمهم جيش من رجال أمن الدولة والأمن المركزي، هناك زاروا قرية «شوبك أكراش»، حيث تفقد جمال مبارك خلالها وحدة طب الأسرة بالقرية، ثم توجه إلي قرية «أكراش» ومر بمركز الخدمات الاجتماعية بها، وبعد ذلك قصد قرية «العصايد»، فزار محطة تنقية المياه والمدرسة الثانوية ومركز طب الأسرة ومعرض الصندوق الاجتماعي، وفي نهاية الجولة شهد لقاء جماهيرياً، أعقبه إفطار مع «الأهالي» وهو الحدث الذي اعتبرته الصحف القومية الثلاث أهم خبر في الكرة الأرضية فجعلته «المانشيت» الرئيسي علي صفحاتها الأولي. سوف تنتاب الحيرة المواطن البريء إذا تساءل عن الصفة التي يمثلها وهو يقوم بتلك الزيارة للمرافق ومراكز الخدمات بالقري الثلاث، فلا هو رئيس الدولة ولا هو رئيس الحكومة ولا هو حتي أمين عام الحزب الحاكم، ولكنه أمين مساعد، ومكانته في الحزب مستمدة من كونه أمين لجنة السياسات، وسوف يستغرب المواطن العادي أن يجد الرجل وهو بهذه الصفة يتجول في مركز للخدمات الاجتماعية ومحطة لتنقية المياه ومدرسة ثانوية ومركز لطب الأسرة، لأن متابعة ما يجري من تلك المواقع لا تدخل في عمل لجنة السياسات، التي يفترض أنها تناقش وترسم السياسات العامة، في حين أن تفقد تلك المواقع هو من صميم عمل الأجهزة التنفيذية وربما مؤسسات الرقابة الشعبية والمحليات. أما الدهشة التي تتلبس المواطن العادي، فمرجعها أن السيد جمال مبارك في حديثه إلي الذين التقوه أحال أموراً كثيرة إلي المستقبل، فقال إنه ستتم إعادة النظر في قانون الضمان الاجتماعي، كما ستتم خلال الأسابيع المقبلة بلورة جهود الحزب والحكومة لمواجهة وتحدي الفقر، وأن مؤتمر الحزب الخامس في نوفمبر المقبل سيبحث مشروع الألف قرية والموارد التي يحتاجها، وهي اللغة التي تذكر الناس بالبيانات الوزارية التي كانت تدغدغ مشاعر الناس وتداعب أحلامهم باستخدام عبارة «ستعمل حكومتي» علي إقامة كذا وكذا...إلخ. قد يتساءل المواطن العادي عما إذا كان كلام السيد جمال مبارك مجرد مقترحات أم أنه بمثابة قرارات، فإذا كانت مقترحات فلماذا قطع بأن قانون الضمان الاجتماعي سيتغير، أما إذا كانت قرارات فإلي أي شيء يستند في إصدارها، وهل صفته كأمين للسياسات تعطيه ذلك الحق؟ هذه الدهشة والحيرة لا تنتاب المواطن العادي فحسب، ولكنها تنتاب أي شخص محترف أيضاً ذلك أنه من الناحية المهنية فإن قول السيد جمال مبارك إنه لا تردد في تنفيذ برامج الإصلاح وهو ما أبرزه «مانشيت» الأهرام والجمهورية، وقوله إن «مطالب المواطنين ملزمة للحكومة» كما ذكر ما نشيت أخبار اليوم ليس فيه خبر ولكنه بالكاد يمثل رغبة أو وجهة نظر متفائلة، في الوقت ذاته فإن المساحات التي أعطيت لتغطية الزيارة في الصحف الثلاث والتعليقات المفتعلة التي نشرت للإشادة بها وتصويرها بأنها فتحاً في عالم الممارسة السياسية، وأملاً يضيء أحلام الفقراء ومؤشراً علي التقدم نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، ذلك كله لا يبدو مقنعاً لأحد، لأن المبالغة والافتعال فيه أعطيا انطباعاً قوياً بأن تغطية الرحلة داخلة في باب السياسة ولا علاقة لها بالصحافة، وإذا تذكرنا أن أغلب أهالي القري الثلاث لم يسمح لهم بمغادرة بيوتهم التي حجب بعضها وراء أغطية القماش المزخرفة، وإن رجال الأمن وعناصر مباحث أمن الدولة كانوا هم الجمهور الحقيقي الذي شهد اللقاءات فسندرك أن «فيلم» الزيارة، أريد به تسويق السيد جمال مبارك بأكثر من تواصله مع الناس، ولا تتخابث عليّ فتسألني: لماذا؟)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق